الأخبار
اليهود في المغرب: مجتمع هادئ لكنه غني بتاريخ غالبًا ما يُجهل
في قلب الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية النابضة، يكمن كنز ثقافي فريد في العالم العربي: متحف اليهودية المغربية. هذا المكان الرمزي، الكائن في حي سكني، يضم أكثر من مجرد أشياء؛ إنه يحفظ الذاكرة الحية لـ يهود المغرب. من خلال الصور الفوتوغرافية بالأبيض والأسود من عشرينيات القرن العشرين، ولفائف التوراة والملابس التقليدية، تتجلى قصة كاملة عن التعايش والحرف اليدوية. هذه الجالية اليهودية، التي كانت تضم في السابق 300,000 نسمة، تظل جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية، مذكّرة بأن المملكة كانت دائمًا ملتقى للحضارات.
تراث عمره آلاف السنين متجذّر في الهوية المغربية
إن التاريخ اليهودي في المغرب ليس حديث العهد. فهو ينبع من جذور في العصور القديمة، قبل وصول الإسلام، عندما اندمج اليهود الأوائل مع السكان الأصليين الأمازيغ. وتزايد هذا الوجود بشكل كبير في أواخر القرن الخامس عشر مع استكمال استرداد الأندلس، مما أجبر العديد من يهود إسبانيا والبرتغال على اللجوء إلى المغرب الكبير. هذه الموجات المتعاقبة من الهجرة شكّلت ثقافة غنية حيث تداخلت التقاليد العبرية والعادات المحلية.

الحماية الملكية والوضع الفريد للجالية
تميز المغرب بالحماية التي منحها لرعاياه اليهود، لا سيما في عهد محمد الخامس خلال الحرب العالمية الثانية. رفض السلطان تطبيق القوانين المعادية للسامية لنظام فيشي، مما شكّل فعلًا تأسيسيًا لا يزال يرن صداه في الذاكرة الجماعية عام 2025. اليوم، على الرغم من أن عدد السكان المقيمين يقدر بين 3,000 و5,000 شخص، معظمهم في الدار البيضاء، فإن تأثير هذه قلة المعرفة الديموغرافية يتناسب عكسيًا مع وزنها الرمزي. كما نقش الدستور لعام 2011 إسهام التراث العبري في صلب الهوية الوطنية، إلى جانب التراث الأمازيغي والأندلسي.
تشجع هذه الاعترافات المؤسسية على مناخ يُنظر فيه إلى التعايش الديني كقاعدة اجتماعية أكثر من استثناء. الكنائس اليهودية والمطاعم الكوشر جزء لا يتجزأ من المشهد الحضري، شاهدة على صمود ثقافي أمام تقلبات التاريخ. وفي هذا السياق تنمو أشكال جديدة من التعاون الإقليمي تدعم هذا الإرث المشترك.
الأثر الاقتصادي والسياحة الذاكرية
على الصعيد الاقتصادي، تمثل استثمار التراث الثقافي اليهودي رافعة استراتيجية. قبل التوترات الجيوسياسية الحديثة، كان المغرب يستقبل حوالي 200,000 سائح إسرائيلي سنويًا، الكثير منهم من أصول مغربية يعودون إلى أرض أجدادهم. هذا “سياحة الأصول” تنشط قطاع الفنادق، والحرف اليدوية والنقل، مما يخلق فرص عمل مباشرة. ولا تقتصر الفوائد على الجانب المالي فقط؛ فهي تعزز الشراكات الاقتصادية وتبادل الخبرات.
شتات مؤثر ومتمسك بجذوره
تعتبر شتات اليهود من أصل مغربي أحد أكبر الشتات في العالم، مع ما يقرب من مليون شخص يقيمون في إسرائيل. هذا الرباط الثابت مع المغرب يشكل جسرًا فريدًا للتبادلات الدولية. رغم أن الرحلات المباشرة قد توقفت مؤقتًا بسبب أوضاع أمنية، إلا أن الرغبة في الحفاظ على العلاقات المغربية الإسرائيلية تبقى قوية داخل المجتمع المدني ودوائر الأعمال.
فيما يلي بعض المعالم الرئيسية التي تميز هذا المسار التاريخي:
| الفترة 📅 | الحدث البارز 📜 | التأثير على الجالية 👥 |
|---|---|---|
| العصور القديمة | وصول اليهود الأوائل | الاندماج مع السكان الأمازيغ (توشافيم). |
| 1492 | طرد إسبانيا (استرداد الأندلس) | وصول جماعية للمغوراشيم، إثراء ثقافي. |
| أربعينيات القرن العشرين | الحرب العالمية الثانية | حماية من محمد الخامس ضد قوانين فيشي. |
| 1948 – 1960 | تأسيس إسرائيل والهجرات | هجرة جماعية، انخفاض السكان من 300 ألف إلى بضعة آلاف. |
| 2011 | الدستور الجديد | الاعتراف الرسمي بالتراث العبري. |
| 2020 – 2025 | اتفاقيات إبراهيم وما تلاها | إعادة إطلاق دبلوماسية وسياحة، رغم الأزمات الحديثة. |
تُبرز هذه المحطات التاريخية تعقيد العلاقات الدبلوماسية التي لا تقتصر على السياسة فقط، بل تمس الحميمي والأسري.
بين حفظ الماضي والتحديات المعاصرة
على الرغم من هذه الثروة، لا تخلو الحالة الراهنة من تحديات. فقد أعادت أحداث أكتوبر 2023 إشعال بعض التوترات، مما وضع الجالية في موقف حساس، ممزقة بين وطنيتها المغربية وتضامنها المجتمعي. إذا ما وردت تقارير عن حوادث معزولة، فإن غالبية الأصوات، مثل المؤرخ جمال أمميار، تذكر بأن اليهود يشكلون جزءًا أساسيًا من المجتمع. كما تستمر مبادرات محلية، مثل جمعية “كلنا”، في الحفاظ على التقاليد اليهودية وحماية هذه الذاكرة.
صمود التعايش المشترك
نموذج المغرب في التعايش لا يزال موضوع دراسة وإعجاب. يستمر نشطاء المجتمع المدني والمواطنون العاديون في الدعوة للحوار. فـ التقاليد اليهودية ليست مجرد آثار متحف، بل تعيش من خلال المهرجانات، والموسيقى الأندلسية، والمأكولات. وتعتمد الديناميكية الثنائية على هذا الأساس البشري القوي لعبور الأزمات.
العناصر التالية مهمة لفهم استمرار هذا الإرث عام 2025:
- 🏛️ أماكن العبادة: الحفاظ النشط على الكنائس والمقابر اليهودية في جميع أنحاء المملكة.
- 🍲 المأكولات: لا تزال المأكولات اليهودية المغربية (دافينا، مفلاة) شائعة ومحبوبة.
- 🎶 الموسيقى: يُحتفى بالموسيقى الغرناطيّة والشگورية بواسطة فرق مختلطة من اليهود والمسلمين.
- ⚖️ الإطار القانوني: لا تزال المحاكم الحاخامية تتعامل مع بعض قضايا الحالة الشخصية للجالية.
باختصار، فهم السوق والمجتمع المغربي يتطلب استيعاب هذه الفوارق التاريخية. إن إدماج هذا التنوع يمثل ميزةً لتعزيز مكانة المغرب دوليًا.
{“@context”:”https://schema.org”,”@type”:”FAQPage”,”mainEntity”:[{“@type”:”Question”,”name”:”كم عدد اليهود الذين يعيشون حاليًا في المغرب؟”,”acceptedAnswer”:{“@type”:”Answer”,”text”:”في 2025، يُقدّر عدد الجالية اليهودية المقيمة بين 3,000 و5,000 شخص، معظمهم يعيشون في الدار البيضاء، رغم أن الشتات ذو الأصل المغربي يضم حوالي مليون شخص في الخارج.”}},{“@type”:”Question”,”name”:”ما هو وضع اليهود في الدستور المغربي؟”,”acceptedAnswer”:{“@type”:”Answer”,”text”:”يعترف دستور 2011 رسميًا بالتراث العبري كجزء أساسي من الهوية الوطنية المغربية، مما يكرّس التنوع الثقافي للمملكة.”}},{“@type”:”Question”,”name”:”هل توجد متاحف مكرّسة لهذا التاريخ؟”,”acceptedAnswer”:{“@type”:”Answer”,”text”:”نعم، متحف اليهودية المغربية في الدار البيضاء هو المتحف الوحيد من نوعه في العالم العربي. يعرض متعلقات دينية وملابس ووثائق تحكي حياة الجالية.”}},{“@type”:”Question”,”name”:”ما الفرق بين توشافيم ومغوراچيم؟”,”acceptedAnswer”:{“@type”:”Answer”,”text”:”تشير توشافيم إلى اليهود الأصليين الحاضرين في المغرب منذ العصور القديمة (غالبًا متحدثي البربرية)، بينما المغوراچيم هم اليهود المطرودون من إسبانيا والبرتغال في القرن الخامس عشر (السفارديم).”}}]}كم عدد اليهود الذين يعيشون حاليًا في المغرب؟
في 2025، يُقدّر عدد الجالية اليهودية المقيمة بين 3,000 و5,000 شخص، معظمهم يعيشون في الدار البيضاء، رغم أن الشتات ذو الأصل المغربي يضم حوالي مليون شخص في الخارج.
ما هو وضع اليهود في الدستور المغربي؟
يعترف دستور 2011 رسميًا بالتراث العبري كجزء أساسي من الهوية الوطنية المغربية، مما يكرّس التنوع الثقافي للمملكة.
هل توجد متاحف مكرّسة لهذا التاريخ؟
نعم، متحف اليهودية المغربية في الدار البيضاء هو المتحف الوحيد من نوعه في العالم العربي. يعرض متعلقات دينية وملابس ووثائق تحكي حياة الجالية.
ما الفرق بين توشافيم ومغوراچيم؟
تشير توشافيم إلى اليهود الأصليين الحاضرين في المغرب منذ العصور القديمة (غالبًا متحدثي البربرية)، بينما المغوراچيم هم اليهود المطرودون من إسبانيا والبرتغال في القرن الخامس عشر (السفارديم).